_الاستدامة المكانية في المراكز الحضرية التاريخية (دور التوزيع المكاني للمساجد في الاستدامة المكانية لمدينة الموصل القديمة (

الخلاصةتمثل المدينة كينونة عمرانية ذات نظم متعددة ترتبط بمجموعة من العلاقات وبصيغ متنوعة تنظم الفضاء والزمان والمعنى وأساليب الاتصال عبر عناصر عديدة. مع ظهور مفهوم الاستدامة وشيوعه في تسعينات القرن العشرين برزت طروحات متنوعة في تعامل هذا المفهوم مع البيئة الحضرية ولعل من أبرزها فكرة الشكل الحضري المستدام والذي يشير إلى التشكيلات العمرانية والفضائية المؤثرة في النمو العمراني والقادرة على تحقيق التوافق في الحاجات المتغيرة والمستجدة. هنا تبرز عناصر إمكانية الوصول والتقارب واندماج الوظائف كركائز أساسية في تحقيق الشكل الحضري المستدام. في المدينة الإسلامية ظهر المسجد كعنصر أساسي تتمحور حوله الفعاليات الحضرية، فلم يكن الجامع مركزا دينيا فحسب بل هو عنصرا منظما للتكوين الفراغي والحضري للمدينة الإسلامية. لقد تعددت وظائف هذا المسجد الجامع من كونه مركزا دينيا إلى اتخاذه مركزا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وتعليميا. أدى اتساع الرقعة الحضرية لكثير من المدن الإسلامية إلى إنشاء مساجد جامعة عديدة ومثل هذه الحالة يمكن تلمسها في مدينة الموصل. ولعبت هذه المساجد الجامعة دور المراكز الخدمية لمناطق المدينة التي نشأت فيها . يتناول البحث المقدم دراسة تأثير التوزيع المكاني للمساجد الجامعة في مدينة الموصل القديمة وحتى بداية القرن العشرين في تحقيق الاستدامة المكانية وذلك بالاعتماد على الطروحات التي تناولتها منهجية قواعد تركيب الفضاء ومحاولات توظيف المفاهيم التركيبية في دراسة وتحليل جوانب الاستدامة المكانية وصولا إلى فهم أوضح لهذا المفهوم بالاعتماد على خصائص التنظيم الفضائي في المدينة .